في مفاجأة من نوعها، فاز المعارض باسيرو ديوماي فاي بالانتخابات الرئاسية في السنغال، وذلك بعد حصوله على 57% من الأصوات، وفقا للنتائج الرسمية الأولية التي أعلنت أمس، متفوقا على أقرب منافسيه، أمادو با، مرشح الحزب الحاكم.
*فوز مثير للتساؤلات
لفت فوز ديوماي فاي بكرسي الرئاسة، الأنظار كونه كان سجينا سابقا، كما طرحت وعوده الانتخابية تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين فرنسا والسنغال التي تتمتع باستقرار خلافا للعديد من دول الجوار الأفريقية، إضافة إلى تساؤلات حول لقب السيدة الأولى في ظل زواجه بامرأتين.
*أصغر رئيس للسنغال
ولد ديوماي فاي بإحدى القرى الزراعية غرب السنغال عام 1980 فهو صاحب 44 عاما، كما أنه أصبح صاحب الترتيب الخامس في سلسلة رؤساء السنغال وأصغرهم سنا، ليدير بلدا يبلغ عدد سكانه 18 مليون نسمة، علما أنه لم يتولّ من قبل أي منصب رسمي سواء بالتعيين أو الانتخاب.
وحصل فاي على درجة الماجستير في القانون، بعد أن تخرج في المدرسة الوطنية للإدارة عام 2007، وانضم إلى الإدارة العامة للضرائب والممتلكات وهنا كانت نقطة التحول، إذ التقى السياسي البارز أوسمان سونكو، الذي كان يتردد على نفس النادي الرياضي معه، وكان ضمن مجموعة مفتشي ضرائب تشكلت حول المعارض.
كان فاي حاضرا في نهاية عام 2014، عندما تأسس “حزب الوطنيين الأفارقة السنغاليين من أجل العمل والأخلاق والأخوة”، أو “الحزب الوطني السنغالي” في قاعة صغيرة بجامعة داكار، الذي ترأسه عثمان سونكو، فيما أصبح هو الأمين العام للحزب في أكتوبر من عام 2022.
وكان الرئيس المنتخب هو العقل المدبر لتوسع الحزب في الخارج، لا سيما في أوروبا، إلى أن تم اعتقاله في 14 أبريل الماضي، ووُجهت له تهم الإساءة إلى قاض، واتهامات بالتشهير والقيام بأعمال من شأنها تعريض السلام العام للخطر، لانتقاده طريقة تعامل القضاء مع ملفات أوسمان سونكو الذي منع من الترشح.
*من السجن إلى القصر
قضى ديوماي فاي عاما في الحبس الاحتياطي بسجن كاب مانويل في العاصمة داكار، لكنه لم يحاكم ولم توجه له أية إدانات على عكس سونكو، الذي اختاره للترشح للرئاسة ومقارعة أمادو با مرشح الائتلاف الحاكم الذي كان رئيسا للوزراء.
المفارقة أنه لم يخرج من السجن إلا بعد 6 أيام من انطلاق الحملة الانتخابية في إطار قانون عفو عام أصدره الرئيس المنتهية ولايته ماكي سال.
وكان الأمر يبدو مستحيلا، فليس أمامه إلا 10 أيام فقط من الحملة الانتخابية، لكن هذا لا يعني شيئا، فديوماي فاي، الذي استقبل بحرارة شديدة من الشارع السنغالي، لم تكن تلك الأيام بالنسبة له إلا شيئا بسيطا من شعبيته التي تغذت على سجنه، وقرارات مثيرة للجدل صدرت من الرئيس السنغالي أبرزها تأجيل الاستحقاق الرئاسي.
*وعود سياسية
وحول عالعلاقة مع فرنسا، ففاي لديه مواقف ربما لا تأتي على هوى فرنسا، صاحبة النفوذ التاريخي في بلاده، إذ كانت لديه تصريحات عدة تجتذب حماسة الشباب ضد سيطرة باريس.
ويسعى فاي إلى إنهاء التعامل بعملة الفرنك الأفريقي الموروثة من الاستعمار وإصدار عملة وطنية جديدة. وفي قطاع التربية يريد تعميم تدريس اللغة الإنجليزية في بلد لا تزال اللغة الفرنسية فيه لغة رسمية.
وينوي أيضا إعادة النظر في العقود التي أبرمتها السنغال مع دول أخرى في مجال المناجم والتعدين والمحروقات إضافة إلى اتفاقيات الدفاع. كما يخطط لإصلاح المؤسسات السنغالية وإدراج منصب نائب الرئيس إضافة إلى وضع ضوابط صارمة للحد من صلاحيات منصب الرئيس.
*انتخابات بعد أزمة سياسية
شهدت السنغال منذ 2021 فترات من الاضطرابات نتيجة الصراع الشرس بين المعارض عثمان سونكو والسلطة، فضلا عن التوتر الاجتماعي والغموض الذي أبقى عليه الرئيس ماكي سال لفترة طويلة حول احتمال ترشحه لولاية ثالثة.
وكان مقررا أن يدلي السنغاليون بأصواتهم في 25 فبراير، لكن تأجيلا في اللحظة الأخيرة أثار أعمال عنف خلفت أربعة قتلى. وشكلت بلبلة استمرت عدة أسابيع اختبارا للديمقراطية في السنغال، إلى أن تم تحديد موعد 24 مارس.
رغم هذا التأخير، لاحظ مراقبو الاتحاد الاوروبي أن العملية الانتخابية تجري “بهدوء وفاعلية وفي شكل منظم”، على قول رئيسة البعثة مالين بيورك. كما أنها المرة الأولى التي لا يترشح رئيس منتهية ولايته لإعادة انتخابه.