استخدمت روسيا، يوم الخميس الماضي، حق النقض “الفيتو” الذي تتمتع بها في مجلس الأمن الدولي، لإنهاء عمل لجنة خبراء الأمم المتحدة التي كانت تراقب جهود كوريا الشمالية في التهرب من العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي على مدار الـ15 عاما الماضية.
واعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن عدم ارتياح روسيا للمجموعة يعد تطوراً جديداً؛ حيث رحبت موسكو في مرحلة ما بتقارير اللجنة التفصيلية بشأن انتهاكات العقوبات، واعتبرت برنامج بيونج يانج النووي تهديداً للأمن العالمي.
– الدعم الروسي لكوريا الشمالية
ومؤخراً، قدمت لجنة الخبراء أدلة حيوية تظهر كيف تبقي روسيا كوريا الشمالية ممتلئة بالوقود والمنتجات الأخرى، ومن المفترض أن يكون ذلك مقابل قذائف المدفعية والصواريخ، التي يرسلها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون إلى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا، بحسب الصحيفة الأمريكية.
كما أصدرت المجموعة صوراً للأقمار الصناعية لعمليات نقل النفط من سفينة إلى أخرى، مما يوضح كيف أثبتت الحرب في أوكرانيا أنها ثروة للشمال.
ورأت “نيويورك تايمز” أن التفكيك الواضح للجنة، التي لم تتمتع بسلطة تنفيذية، دليل إضافي على كيفية تآكل ما كان ذات يوم جهداً عالمياً لتقييد الانتشار النووي بسرعة خلال العامين الماضيين.
ووصف روبرت أينهورن، المسئول البارز السابق في وزارة الخارجية الأمريكية بشأن قضايا الانتشار النووي، بأن ما حدث “تحول مذهل”.
وأضاف أينهورن أنه خلال معظم فترة ما بعد الحرب الباردة، كانت الولايات المتحدة وروسيا والصين شركاء في التعامل مع تحديات الانتشار النووي، لا سيما مع كوريا الشمالية وإيران، موضحا أن موسكو وبكين كانتا بجانب أمريكا وأوروبا خلال المفاوضات مع إيران، وساعدا فيما يتعلق بكوريا الشمالية خلال فترة “النار والغضب” (من 2016 إلى 2017)، في إشارة إلى المفاوضات النهائية التي أجرتها إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما مع كوريا الشمالية وتهديدات الرئيس السابق دونالد ترامب عندما وصل إلى المنصب.
وفي تلك الفترة، صوتت روسيا بانتظام لصالح العقوبات ضد كوريا الشمالية، وكذلك الصين، حتى في حين أنهم قاموا ببعض الأعمال التجارية مع بيونج يانج، بجانب عمليات تهريب عبر البحر والمعبر الحدودي الضيق، وخاصة جسر السكك الحديدية حيث تلتقى البلدان الثلاثة.
لكن كما أشار أينهورن، تصدع ذاك الاتحاد مع عودة منافسة القوى العظمى، واختفت الشراكة بشأن احتواء التهديدات النووية، حتى من كوريا الشمالية، التي تشكل منشآتها النووية تحدياً لأمن كل من الصين وروسيا.
– التهرب من العقوبات
وبحسب “نيويورك تايمز”، تساعد روسيا الآن كوريا الشمالية في تفادي العقوبات، ولا تقوم روسيا والصين بنشاط من أجل الضغط على إيران لإبطاء تخزينها لليورانيوم المخصب، وهي خطوة حيوية ضرورية إذا قررت بناء أسلحة نووية.
وعندما أصدر مجلس الأمن قرارات تدين كوريا الشمالية بسبب تجاربها الصاروخية المستمرة، رفضتها روسيا والصين.
ولا تتمتع لجنة الخبراء بسلطات استقصائية كبرى، لكنها كانت شاملة وكثيراً ما تصدرت نتائجها عناوين الأخبار، وتتبعت اللجنة شحنات النفط، وأوضحت ما حدث عندما أطفأت السفن أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها حتى لا يتم تتبعها بحراً.
ودققت المجموعة في العلاقات المصرفية والمنتجات الفاخرة التي وصلت كوريا الشمالية، بالرغم من العقوبات التي تم فرضها قبل 18 عاماً، كما ألهمت مجموعات خاصة للبحث بشكل أعمق، مما يفسر ألغازاً مثل كيف حصل كيم على سياراته الفاخرة.
وبالرغم من أن الخبراء كانوا خارجيين، وغالبا لا يتم تبني نتائجهم، أعطى وجود اللجنة رخصة دولية محايدة لتهم التهرب من العقوبات.