مأساة إنسانية يعيشها أهالي عزبة الكوبانية بمنطقة عين غصين بمحافظة الإسماعيلية، والبالغ عددهم نحو 120 أسرة، عقب انهيار جسر العزبة وارتفاع منسوب مياه الترعة وتسربها إلى عدد كبير من المنازل والأراضي الزراعية وغرقها.
ما بين أجهزة كهربائية غمرتها المياه وملابس ومفروشات وبقايا طعام وطيور نافقة تطفو على السطح، خيم الحزن على الأهالي الذين خرجوا للنجاة بأنفسهم ولم يتمكنوا من إنقاذ محتويات بيوتهم البسيطة، ورصدت “أخبار مصر” المأساة التي خلفها انهيار الجسر والتقت أهالي العزبة الذين اصطفوا بالطريق انتظارا لحل الأزمة التي لحقت بهم.
• المياه تفاجئ النائمين
عقب عودته من صلاة الفجر فوجئ عبد السلام خليفة، من الأهالي، بتجمع سكان المنطقة عند الجسر الذي انهار بشكل مفاجئ وتدفقت المياه إلى المنازل والأراضي الزراعية وأغرقتها، ولسوء حظه فإن بيته المبني من الطوب اللبن وسطحه من البوص وصلت له المياه وانهار، ولم يتمكن من السيطرة على المياه التي أغرقت التليفزيون والملابس وجميع الأغراض المتواضعة التي كان يتعايش عليها.
وأكد نجله خليفة، محاولته مساعدة والده في إخراج أغراض البيت، ولكنه فشل لسرعة تدفق المياه وحتى منزله المبنى بالمسلح والمجاور لبيت والده تسربت له المياه من النوافذ وأغرقت كل شيء، وخرجت زوجته وأولاده مسرعين للنجاة بأنفسهم.
“لبس العيد اشتريته بصعوبة وأخذته المياه”
وقالت راندا، إحدى سكان العزبة: “أسكن في بيت بالإيجار مع زوجي وبناتي الاثنين، ولكن المياه غرقته بالكامل ولا يمكنني الذهاب له لألتقط بقايا من محتوياته، حتى لبس العيد اشتريته بصعوبة علشان أفرح البنات غرق ومعاه الأكل اللي كنا هنفطر بيه”.
وأضافت: “زوجي يعمل باليومية ونوفر نفقات المعيشة بصعوبة وكنا نعيش في بيت صغير بنيانه متواضع، لكنه كان سترا لنا والآن ذهبت إلى جيراني ولكن مش عايزين نحمل عليهم، الحياة غالية ومين هيتحمل أسرة كاملة في الظروف دي”.
ويستكمل زوجها الحديث، بأنه حتى بعد “شفط المياه” سيكون البيت ضعيفا ويصعب العودة إليه فقد ينهار في أي وقت.
• الأخضر واليابس
أما سمير قاسم، من الأهالي، فأكد أنه يزرع مساحة صغيرة من الأرض بمحصول القمح يقضي منها احتياجاته وتطحن زوجته الغلة لتصنع منها الخبز؛ لكن انهيار الجسر تسبب في غرق تلك القطعة، فيما أوضح منصور محمد، من الأهالي، أن المياه أغرقت أشجار المانجو وأكل المواشي والبيوت المعرشة بالجريد والبوص، وتسربت المياه إلى المنازل المبنية بالطوب الأحمر من النوافذ والأبواب وطالت جميع الأغراض.
سامح محمد، من الأهالي، أكد أن الجسر يعاني الضعف منذ سنوات بجانب أعمال تكريك الترعة لتطهيرها، ما تسبب في ضعف بنية الجسر وهدر الرمال وانهياره، وتضررت أراضي المانجو والفراولة والقمح.
•حاولنا النجاة بأنفسنا
فيما تشير سعاد السيد، من الأهالي، إلى بيتها البعيد وسط الزراعات قائلة: “كنت نائمة مع أولاد أخي واستيقظنا على شلال مياه يغمر البيت، فهرولنا جميعا للنجاة بأنفسنا ولم نستطع إنقاذ أي شيء”.
وواصلت السيدة حديثها باكية على أغراضها التي غرقت، قائلة إنها تأمل في شفط المياه وجفافها لتستعيد دولابها الخشبي وأي بقايا صالحة من البيت.
قصص متعددة رصدتها “أخبار مصر” وخلفها انهيار الجسر وجميعها تشترك في مأساة واحدة، ما بين جهاز عرائس أغرقته المياه وشاب احتفل بعقد قرانه ليلة انهيار الجسر لتقضي المياه على التجهيزات التي أعدها للزفاف وأسر اجتمعت في بيوت جيرانها الذين لا تقل أحوالهم المعيشية تواضعا عنهم، ومع ذلك رحبوا بهم واقتسموا معهم الطعام ووفروا لهم ملابس وأغطية في صورة واضحة للتكافل بين أبناء العزبة، فيما يكشف الانهيار معاناة العزبة في الحاجة إلى سكن آدمي وطرق ممهدة.
• مساعدات غذائية ومادية للمتضررين
من جهته أكد الدكتور أحمد عبد الرحمن، وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالإسماعيلية، لـ”أخبار مصر” توفير 2000 وجبة فطار وسحور للمتضررين بالاتفاق مع الجمعيات الأهلية، وتوفير كراتين رمضان، منوها بتواجد لجنة من التضامن تتابع الوضع.
وأضاف أن المساعدات المادية ستوزع عقب حصر المتضررين وإجراء التحقيقات حول الموضوع، فيما أكدت مديرية الري، غلق مصدر المياه وتصريفها من الفتحات الجانبية ودفعت بنحو 20 طنا من الدبش لموقع الانهيار لإنشاء جسرين بعرض ترعة السويس لغلق الترعة ومحاصرة المنطقة المتضررة للبدء في الإجراءات الفنية لعلاج الجسر.