قال الفنان محمد صبحي إنه قضى 7 سنوات من بداياته الفنية يؤدي دور كومبارس صامت، لم ينطق بجملة واحدة، ولم أيأس من سبع سنوات انتظار، فلقد تعلمت فيهم كثيرًا من المهارات اللازمة للممثل المبدع، وتلاشيت أخطائي واستفدت من أخطاء الآخرين.
جاء ذلك خلال حديث «صبحي» في برنامج «حوار عن قُرب» الذي يقدمه الإعلامي أحمد العصار عبر قناته على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح أنه توقع أن تكون بداية ظهوره الحقيقي بعد 15 عامًا من التدريب، ولكن بدأ نجمه يسطع عام 1975 وأكد أنه رغم مشواره الطويل من النجومية لا يزال يشعر برهبة الظهور الأول، وأنه لم يتوقع أن يكون ممثلًا، إذ تمنى في صباه أن يكون عازف كمنجة أو راقص باليه؛ تأثرا بما كان في حوزة أبيه من عروض كان يشاهدها في منزلهم على شاشة سينما 16، وأنه استفاد من الباليه في المحافظة على لياقته البدنية.
وقال إنه كان محظوظًا لأنه تعلم فن التمثيل على يد عظماء، وأكد أنه طوال مسيرته كان ضد الإسفاف، رغم أنه عُرض عليه مبالغ طائلة لتمثيل أعمال دون المستوى، مؤكدا أن الفن أحد أهم أذرع القوى الناعمة، وله دور عظيم في المجتمع وقادر على التغيير للأفضل.
وأكد أنه حرص على تميّز أعماله وتنوعها منذ بداياته، بالتركيز على مشاكل المجتمع ومعالجتها، ولذا قدم أعمالًا مسرحية متنوعة، وأنه هذا الأمر من أهم عوامل صناعة نجوميته.
وعن صعود بعض أصحاب الترند عبر السوشيال ميديا فجأة، وحصولهم على فرص تمثيل لا يحصل عليها الدارس قال «صبحي» إن هذا الأمر محزن جدا، أن يصبح هؤلاء المجهولين ممثلين، بمجرد «ترند» والحصول على فرص لا يأخذها الدارس لفن التمثيل، مضيفا «حتى يختفي هؤلاء يجب توافر البديل الكفء لملء الفراغ الحقيقي، وعلى الموهوب أن يفتح نوافذ لتسويق نفسه بأي طريقة مشروعة، وبالاجتهاد وعدم اليأس سيجد الفرصة التي تناسبه».
وعن بعض الأعمال الفنية التي تحتوي إسفافًا ومشاهد خليعة ويتحجج أصحابها بأنهم ينقلون الواقع، قال «صبحي» إن الفن أسمى وأرقى من ذلك، وحتى لو كان الأمر يتطلب نقل الواقع – مثل مشاكل العشوائيات – فيمكن تقديم ذلك بحذف مشاهد القبح الأخلاقي، واللغة المنحطة، ونموذج المرأة العاهرة والرجل تاجر المخدرات، والشباب المدمن المشغول بأعمال البلطجة، ورأى أن هذه الأعمال تضر المجتمع، وتحرض النشء على الانحلال وسوء السلوك، وتسيئ لأي دولة.
وضرب مثلا بالأثر الإيجابي للفن وخاصة الدراما مسلسل «ونيس» الذي عرض قبل 30 عامًا وقال إن دوره في هذا العمل يمثل شخصيته الحقيقية بنسبة كبيرة وبأحداث بين أفراد أسرته.
وقال إن سبب تميز هذا المسلسل أنه لم يتناول العلاقة بين أفراد الأسرة بطريقة نمطية، ولكنه كشف عن أوجه مختلفة وقائمة بالفعل للتعامل بين الأب والأم وأبنائهما وكسر البراويز التقليدية ولكن بحرفية فنية مع الحفاظ ألا يكون في العمل أي شبهة إسفاف.
وكشف «صبحي» أنه لم يكن في نيته أن يكون للمسلسل جزء آخر، ولكنه وبالتعاون مع الكاتب الراحل مهدي يوسف وجد أن أحداث المسلسل توسعت بشكل منطقي، وأنها تحتاج إضافة أجزاء متتابعة ومنطقية دون مط أو تطويل مفتعل.
وأكد أن هذا المسلسل غرس كثيرا من السلوكيات الحسنة في نفوس الشباب، حتى أن بعضهم تأثر به وحوَّل خرابات إلى حدائق، ورأى ذلك بعينيه حين دعاه محافظ الجيزة -وقتها- أثناء عرض المسلسل لافتتاح حارة في إمبابة نظفها شبابها، وارتدوا زيًا موحدً مثل الزي الذي ارتداه أبناء ونيس في المسلسل.
كما استشهد بمسلسله «رحلة المليون» الذي عرض عام 1984 والذي غير قوانين الدولة، وجعل من حق الشباب استصلاح وتمتلك قطعة أرض في الصحراء، والعيش فيها، وتم إنشاء سبع قرى خصص فيها خمسة أفدنة لكل شاب وصوبتان ومنزل.
وعن آخر أعماله قال «صبحي» إنه يستعد لعرض مسرحيته الجديدة «فارس يكشف المستور» وأوضح أنها تعتبر تكملة لمسرحيته الشهيرة «فارس بلا جواد» وافتخر بأنه خرَّج 270 ممثلا موهوبًا وأن اختياره للمواهب لا يتجاوز نسبة 1% من عدد المتقدمين، وهو ما يؤكد تدقيقه في الانتقاء.
وعن سبب تأسيسه لموسسة «معًا» قال إنه رأى إن «بناء البشر أهم من بناء الحجر» ولذا اختار نفس العبارة لهذه المؤسسة، إذ لمس من خلال معاينة العشوائيات أن حياة ساكنيها صعبة جدا، وأنه لا بد من عمل تنمية مستدامة بها ليستفيد منها الأبناء والأحفاد.
واقترح أن يبدأ الاهتمام بالطفل وهو بعمر 4 سنوات، بتنمية حقيقية، يمكن تحقيقها بنظريات تعليم «وطنية» تناسب الطبيعة المجتمعية لأبناء هذا الوطن وبعيدة عن أي تجارب مستوردة، مؤكدا ثقته في علماء مصر وقدرتهم على القيام بالمهمة على أكمل وجه، وحذر «صبحي» من التهاون في الأمر قائلا: إذا لم يحدث ذلك ستُهدم الأمم، ولن تقوم لها قائمة.