تباينت آراء أربعة من خبراء الاقتصاد استطلعت أرائهم أخبار مصر، حول توقعاتهم لمتوسط سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه في البنوك المحلية خلال الفترة المقبلة، بعد تسلم مصر الدفعة الثانية من استثمارات «رأس الحكمة»، متوقعين أن يتراوح سعر الدولار بين 42 و50 جنيها حتى بداية العام المقبل.
كان البنك المركزي سمح في مارس الماضي، بتحديد سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية وفقا لآليات العرض والطلب، ورفع أسعار الفائدة على الجنيه 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي.
وتراجعت قيمة الجنيه أمام الدولار بعد تطبيق سياسة سعر الصرف المرن، من 31 جنيها تقريبا للدولار، إلى 50 جنيها، ثم عاود الارتفاع تدريجيا ليدور حول مستويات 46 و48 جنيها للدولار خلال الشهرين الماضيين.
وسجل الدولار تعاملات اليوم، الخميس، في البنوك المحلية 46.96 جنيه
العملة الأمريكية قد تنخفض إلى 42 جنيها بعد التدفقات الأجنبية الأخيرة
قالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر سابقا، إن التدفقات الدولارية في الفترة الحالية، ستهبط بأسعار العملة الأمريكية إلى مستويات الـ42 والـ45 جنيها، وفقا لآليات العرض والطلب.
وأضافت الدماطي لـ«أخبار مصر»، أن استثمارات الأجانب في أدوات الدين تجاوزت الـ20 مليار دولار تقريبا، خلال الشهرين الماضيين، بالإضافة إلى تسلم مصر النصف الثاني من قيمة صفقة رأس الحكمة.
وأشارت إلى أن الاقتصاد المصري يترقب تسلم تمويلات بمليارات الدولارات خلال العام الجاري، على خلفية اتفاق الحكومة مع شركاء التنمية، مثل صندوق النقد، والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وتابعت: «المعطيات الحالية تشير إلى هبوط سعر الدولار لمستويات الـ42 جنيها»، مؤكدة أن هذا السعر لا يتعارض مع آليات سعر الصرف المرن، ولا يمثل دعما من الحكومة للجنيه.
وأعلن، مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أمس، عن تسلم الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة، مضيفا أن الحكومة تسلمت 14 مليار دولار، بالإضافة إلى تنازل الجانب الإماراتي عن 6 مليارات دولار وديعة بالبنك المركزي.
هبوط الدولار تحت مستويات الـ46 جنيها يهدد بخروج الأموال الساخنة
قال محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، إن الدولار يأخذ منحنى هبوطيا منذ تحرير سعر الصرف، متابعا: «هذا مؤشر إيجابي ويعيد الثقة في الاقتصاد المصري».
وأضاف لـ«أخبار مصر» أنه رغم الدولارات المتدفقة للاقتصاد المصري إلا أن سعر الجنيه أمام الدولار يجب أن يدور في النطاق السليم، الذي يحافظ على آلية العرض والطلب.
وأوضح أن السعر السليم وفقا للظروف الحالية من تدفقات دولارية وطلب على العملة الأمريكية، يجعله يدور بين 46 و50 جنيها كحد أقصى، محذرا من انخفاض الدولار إلى مستويات أدنى من نقطة الدعم عند 46 جنيها.
ويرى أن الدولار إذا تراجع إلى مستويات الـ45 جنيها سيشكل تهديدا كبيرا على الاقتصاد المصري، موضحا أن انخفاض الدولار لهذه المستويات سيؤدي إلى خروج الأموال الساخنة على الفور، بسبب المكاسب الكبيرة التي سيحققها المستثمرون الأجانب إذا كانوا قد دخلوا السوق المصرية عند 50 جنيها للدولار، بالإضافة إلى تخوفهم من تكرار سياسة دعم وتثبيت سعر الصرف مرة أخرى مثلما حدث في مرات عديدة سابقا.
وأشار إلى أن انخفاض الدولار أمام الجنيه إلى مستويات متدنية قد يعطل الاتفاق مرة أخرى مع صندوق النقد الدولي، لافتا إلى توقف الاتفاق مع الصندوق سيتبعه التوقف مع جميع الشركاء في التنمية بالتبعية، ونعيد معاناة الاقتصاد المصري مرة أخرى، من انخفاض التصنيف الائتماني، وصعوبة الاقتراض.
التدفقات الدولارية الحالية لا تعبر عن اقتصاد حقيقي وتأثيرها محدود على سعر الجنيه
من جانبه، يرى مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث، في شركة عربية أونلاين لتداول الأوراق المالية، أن التدفقات الدولارية الحالية لا تعبر عن اقتصاد حقيقي، يعتمد على الصناعة أو الزراعة، بينما هي استدانات وبيع أصول.
وأضاف لـ«أخبار مصر»، أنه في ظل تدفقات من صفقة رأس الحكمة ومستثمرين الأجانب في أذون الخزانة، هناك طلب مرتفع أيضا على العملة الأجنبية، بسبب كثرة الالتزامات، والحاجة إلى استيراد أغلب السلع والخامات، متوقعا أن يدور الدولار بين 46 و48 جنيها خلال العام الجاري.
وتابع أن «تأثير التدفقات الدولارية على سعر الجنيه سيكون مؤقتا ومحدودا، وقد يتجه إلى انحدار شديد خلال عامين أو أقل»، مؤكدا ضرورة إزالة جميع معوقات الصناعة والتصدير حتى نتمكن من القضاء على جزور الأزمة الاقتصادية نهائيا.
45 جنيها للدولار هو السعر العادل للعملة
ويتوقع أحمد شوقي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، أن ينخفض الدولار إلى 45 جنيها خلال الأيام القليلة المقبلة، مرجعا ذلك إلى تسلم مصر الدفعة الثانية من رأس الحكمة.
وأضاف لـ«أخبار مصر» أن سعر 45 جنيها للدولار الواحد سيمثل نقطة مقاومة خلال العالم الجاري، موضحا أن الدولار لن يتخطى هذا السعر طوال الأشهر المتبقية من 2024، إلا بحدوث أي متغيرات.
ويرى شوقي أن هذا السعر هو العادل للجنيه أمام الدولار، دون الاعتماد على الأموال الساخنة، موضحا أن استخدام الأموال الساخنة في دعم العملة المحلية سيؤدي إلى تراجع الدولار إلى مستويات 42 جنيها أو أقل، ولكن هذا يضر الاقتصاد المصري، على حد تعبيره