على أصوات أغاني نجوم الزمن الجميل، يقف حسن أبو الحسين، وسط محله الصغير ذو الطابع الكلاسيكي في منطقة حي كرموز بالإسكندرية، يعتني بالأنتيكات القديمة التي يعود بعضها للحرب العالمية الأولى، والبعض الآخر لبدايات القرن الماضي، جمعها بدقة على مدار 6 سنوات، بعدما ترك مهنة الميكانيكا وتفرغ لهوايته وشغفه بجمع المقتنيات القديمة وخاصة العسكرية منها.
والتقت “أخبار مصر” في جولة ميدانية لها بـ”أبو الحسين”، ليتحدث معنا عن أسرار تلك المهنة، وسبب شهرته بين أوساط الباحثين عن كل ما هو فريد، ومحبي اقتناء التحف والأنتيكات القديمة.
-شغف بالانتيكات.. وحب للتاريخ
“ابتديت حياتي جامع وهاوي، وكان كل اللي يقابلني يقولي عينك حلوة في اختيار الأنتيكات”، بهذه الكلمات روى أبو الحسين كيف بدأ شغفه باقتناء الأنتيكات القديمة مُنذ 14 عامًا، قبل أن يترك مهنته ومصدر رزقه من أجلها، فكان يخرج يوم الخميس من كل أسبوع للتجول في الأسواق يلتقط بعينه التحف القيمة، وساعده في ذلك حبه للتاريخ.
-مقتنيات من الحرب العالمية
ولعل أكثر ما كان يثير إعجاب الرجل الخمسيني، هو المعدات الحربية المتعلقة بالحرب العالمية الأولى والثانية، والتي حرص على اقتنائها وكان من أبرزها: معدات جراح ميداني مدون عليها ما يعرف بالسهم البريطاني أو رجل الغراب -كما يسميها البعض- وتاريخ الحرب العالمية الأولى 1917 وبعض آثار الدماء -على حد قوله- بالإضافة إلى جهاز شفرة موريس التي كانت ترسل من خلالها رسائل الجواسيس، وأجهزة السنترالات والتليفونات القديمة بداية من فترة الثلاثينات، وأنواع مختلفة من الراديو في فترات زمنية متفرقة.
-شهادة ميلاد لكل قطعة
وقال أبو الحسن: “بدأت أعرف أي حاجة حربية أو الأنتيكات القديمة بالبيانات الموجودة عليها اللي بعتبرها شهادة ميلاد للقطعة دي”، ولم يكتف بهذا القدر لتوثيق ومعرفة تاريخ قطع الأنتيكات النادرة التي يقتنيها، ولكنه رغم عدم استكمال تعليمه بعد المرحلة الابتدائية، لجأ إلى تعلم البحث على الإنترنت، وخاصة البحث بالصور على محرك جوجل؛ للتأكد من تاريخ وأصل هذه القطع، واعتماده على المواقع الإلكترونية في تسويق وبيع انتيكاته ومقتنياته.
واستعرض أبو الحسين بعض منها يعود لـ أوائل القرن الماضي، مثل: الجرامافون، وآلة الساكسفون، و”الترومبيت” آلة فرقة حسب الله الموسيقية الشهيرة، وآلات الكتابة بمختلف أنواعها، والهواتف الخلوية المستخدمة قبل الأقمار الصناعية، والكشافات الحربية للمطارات، والساعات الخاصة بالمراكب القديمة، وترولي لنقل الجنود الجرحى في الحرب العالمية الثانية، وصناديق نقل الأسلحة والمياه والطعام لهؤلاء الجنود.
وحول كيفية جمعه هذه الأنتيكات، أوضح أنه يجوب أسواق المقتنيات القديمة في الأيام المخصصة لها سواء في محافظة الإسكندرية أو خارجها، معقبًا: “ممكن يجيلي تليفون أسافر وألف محافظات عشان قطعة مثلا، والحاجة الحلوة بتلف وراها ولو في الصين، وتعرفها بالإحساس، وفي حاجات تانية بتجيلنا من البيوت، وكل قطعة بتحدد سعرها حسب حالتها وتاريخها”.
-انتيكات لها روح وليست مجرد تجارة
“أنا لما بفتح المحل بحس أن في ناس قاعدة معايا”.. هكذا وصف أبو الحسين الأنتيكات التي يقتنيها، ويشبه التعامل معها مثل التعامل مع أولاده، قائلًا: “الحاجات دي فيها روح وليس تجارة فقط زي ما بعض الناس فاكرة، وأنا ابتديت الموضوع هواية وكنت بلف اتفرج واشتري ووقتها مكنتش لسه بدأت أبيع حاجة، رغم أن بعض الحاجات دي كانت غالية”.
وقبل أن يختتم أبو الحسين حديثه، عاد معنا إلى الوراء ليتذكر أكثر القطع والأنتيكات التي اقتناها قربًا لقلبه، وكان من بينها مجموعة نيجاتيف زجاجية نادرة، تتضمن 150 كارتا للمصور الخاص بملك بلجيكا، ووصفها بـ”الحاجات النادرة اللي مش هنشوفها تاني”، متابعًا: “في حاجات بنعتز بيها وصعب إننا نفرط فيها، بس علشان الواحد يقدر يستمر في الشغلانة دي لازم الدنيا تدور”.