أثار فستان الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تم تأويله كأحد التعبيرات القليلة للغاية الداعمة للقضية الفلسطينية على سجادة مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته لعام 2024.
وبينما اكتفت بلانشيت بالصمت ولم تؤيد أو تنفي أن تصميم الفستان يعبر عن علم فلسطين، فقد اُعتبر كذلك من الجمهور، خاصة مع وجود حالة تركيز وترقب من المتابعين في انتظار دعم القضية والدعوة إلى وقف إطلاق النار كما حدث أثناء حفل الأوسكار، ولكن لماذا لم لا يظهر المزيد من المشاهير تضامنهم؟.
ومن الملاحظ أن المشاهير الذين أظهروا بعض علامات التضامن نادرون، مثل: النجم الفرنسي عمر سي، وهو أحد أعضاء لجنة تحكيم المهرجان السينمائي، وقد نشر مؤخرًا على منصة إنستجرام: “لا يوجد شيئا يبرر قتل الأطفال في غزة، أو في أي مكان”، أما الممثلة الفرنسية الجزائرية ليلى بختي، فقد ارتدت دبوساً على شكل قلب مصمم على شكل قطعة البطيخ، وهو رمز للمقاومة الفلسطينية حالياً.
الوضع في كان مختلف عن الأحداث السينمائية الأخيرة الأخرى، مثل حفل توزيع جوائز الأوسكار، حيث صعد العديد من الممثلين وصانعي الأفلام إلى السجادة الحمراء وهم يرتدون دبوس Artists4Ceasefire الأحمر، لدعم طلب وقف إطلاق النار.
ورصد تقرير لمنصة ذا ناشونال، لمراسلهم رازميج بيدريان، من مهرجان كان، بعض من تفاصيل الظروف المحيطة بمهرجان كان، والتي أدت إلى نُدرة أي مظاهر دعم سواء لمطالب وقف إطلاق النار أو تضامن مع ضحايا الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في حق سكان قطاع غزة منذ شهور.
رقابة ذاتية
بالنسبة للبعض، قد يكون عدم التحدث علنًا بمثابة نوع من الرقابة الذاتية، لأن مهرجان كان ليس مجرد منصة لتقدير الأفلام، بل هو أيضًا معرض للمبيعات المحتملة للعديد من المشاريع والعلامات التجارية، وإذا تحدث أحد النجوم عن قضية محل اختلاف عالمي، قد يعتقد البعض أن ذلك قد يعرض النجاح المالي للمشروع للخطر، خاصة عند النظر إلى النماذج الأخرى، ففي أعقاب رد الفعل العنيف الذي واجهه المخرج البريطاني جوناثان جليزر بعد أن انتقد الهجمات الإسرائيلية على غزة خلال خطاب قبوله لجائزة الأوسكار .
-رغبة من المهرجان
حث منظمو المهرجان على عدم استخدام منصتهم لأغراض سياسية، وفي مؤتمر ما قبل المهرجان، أصر المندوب العام لمهرجان كان، تييري فريمو، على أنه يريد أن يكون المهرجان هذا العام “خاليًا من الجدل”.
وقال فريمو: “الاهتمام الرئيسي بالنسبة لنا جميعا أن نكون هنا هو السينما، لذلك إذا كانت هناك جدالات أخرى فهذا لا يعنينا”، ولم يكن يشير فقط إلى قضية غزة، بل إلى التقارير المتزايدة حول الانتهاكات التي تحدث في السينما الفرنسية، بالإضافة إلى الاحتجاجات المخطط لها على أجور العمال في مهرجان كان وغيره من المهرجانات الفرنسية.
كما عزز المهرجان إجراءاته الأمنية، حيث نقلت مجلة فارايتي عن أمينه العام فرانسوا ديروسو قوله: “هذا العام، تلقينا 15 إحاطة أمنية مقارنة بأربعة أو خمسة فقط في العام الماضي”، وبحسب المصدر نفسه، فإن المهرجان “كان في البداية خاضعًا لخطة تتمثل في قيام صانعي الأفلام العرب بارتداء دبابيس تظهر الدعم للفلسطينيين المحاصرين في غزة، ومع ذلك، تراجع المهرجان عن تلك الخطوة أيضاً”.
تناقض المهرجان
لكن يظهر تناقض المهرجان من خلال تصرفات أخرى تبرز أن ما يحدث انتقائي، فقد برز التضامن مع إسرائيل على سجادة المهرجان، فقد ظهرت الفرنسية الإسرائيلية لورا بلاجمان كادار مرتدية فستاناً أصفر اللون يحمل وجوه الرهائن المحتجزين، وكتب على وشاحها عبارة “أعيدوهم إلى المنزل”.
يبرز التناقض في صورة أكبر من خلال مقارنة الوضع الحالي بما حدث في 2022، فقد منع منظمو مهرجان كان المندوبين الروس من الحضور بعد غزو أوكرانيا، في ذلك العام، كما ظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل مفاجئ في حفل الافتتاح، تم البث من كييف عبر الأقمار الصناعية.
وقال زيلينسكي: “في 24 فبراير، بدأت روسيا حربا ذات أبعاد ضخمة ضد أوكرانيا بهدف التوغل في أوروبا، هل السينما ستبقى صامتة أم ستتحدث عنها؟ إذا كان هناك دكتاتور، إذا كانت هناك حرب من أجل الحرية، مرة أخرى، كل هذا يتوقف على وحدتنا، هل يمكن للسينما أن تبقى خارج هذه الوحدة؟ نحن بحاجة إلى شابلن جديد يثبت أن السينما في عصرنا ليست صامتة”.
كما اتخذ المهرجان موقفا واضحا ضد الحكومة الإيرانية، وفي ديسمبر 2022، أصدرت مدينة كان بيانا طالبت فيه بالإفراج عن الممثلة ترانه عليدوستي، وهي واحدة من أبرز الأشخاص الذين تم اعتقالهم في احتجاجات إيران المستمرة حينها، وفي الآونة الأخيرة، هرب المخرج محمد رسولوف من إيران بعد أيام من الحكم عليه بالسجن 8 سنوات بتهم تتعلق بالأمن القومي.
وبعد ظهور تقارير تفيد بأن المخرج رسولوف سيحضر عرض فيلمه في المهرجان، قال فريمو : “لقد تأثرنا بشكل خاص بالترحيب برسولوف هنا كمخرج، فرحتنا ستكون فرحة جميع رواد المهرجان وجميع الإيرانيين المحبين للحرية، نود أن نؤكد من جديد دعم مهرجان كان السينمائي لجميع الفنانين في جميع أنحاء العالم الذين يعانون من العنف والانتقام في التعبير عن فنهم”.