الشركة العملاقة تواجه مشكلات كبيرة
عمّت مخاوف عالمية خلال الساعات الماضية، في أعقاب انكشاف أزمة مجموعة إيفرغراند العقارية الصينية العملاقة، وتأثيرها على قطاع البنوك بما يُنذر بتحولها لأزمة مالية عالمية على غرار انهيار بنك “ليمان براذرز” الأميركي عام 2008.
وتعاني مجموعة إيفرغراند، وهيَّ ثاني أكبر مطور عقاري في الصين وتعمل في أنشطة أخرى كالطاقة المتجددة والسيارات، من تعثر كبير في سداد ديون تتجاوز 300 مليار دولار.
وبدأت أزمة تراكم ديوان إيفرغراند في الظهور إلى العلن منذ العام الماضي، عندما شرعت الحكومة الصينية في اتخاذ سلسلة من الإجراءات تهدف لضبط اقتراضها، كجزء من حملة لمعالجة الديون الضخمة المقلقة التي راكمتها الشركات العقارية.
وتسبب ذلك إلى الحد من قدرة إيفرغراند على إنهاء بناء العقارات وبيعها لسداد ديونها.
وقال بنك استثمار برايم، في مذكرة بحثية، إن الشركة الصينية العملاقة، تدين بنحو 300 مليار دولار لأكثر من 170 مصرفًا ومؤسسة مالية، لتصبح محملة بأكبر عبء ديون لأي شركة إدارة أو تطوير عقارات مدرجة بالبورصات العالمية.
تأثير الأزمة
يرى الخبير الاقتصادي محمد العريان، أن عمليات البيع في أسواق الأسهم العالمية يوم الاثنين تشير إلى أن المستثمرين يعيدون النظر في مدى استدامة الاستثمار في الصين.
أخبار ذات صلة
الولايات المتحدة اعتمدت خطة تحفيز مالي ضخمة
رحلة تعافي الاقتصاد العالمي.. المؤشرات وأبرز السيناريوهات
وأوضح العريان في تصريحات له اليوم، أن عدوى إيفرغراند بدأت تظهر بالفعل في الأسواق، كما يأتي في الوقت الذي فرضت فيه بكين قيوداً وتغييرات في القواعد على مجموعة واسعة من الشركات في الأشهر الأخيرة.
وقال إن السوق الصيني يمر بمرحلة انتقالية وهناك حديث بين المستثمرين أن إيفرغراند يمكن أن يعيد تكرار سيناريو “ليمان براذرز” بالنسبة للصين، في إشارة إلى انهيار بنك الاستثمار الأميركي الذي تسبب في الأزمة المالية العالمية لعام 2008.
لكنه عاد لنفي احتمالية حدوث أزمة مالية أخرى على غرار عام 2008، قائلاً “لا أعتقد أننا وصلنا لهذه المرحلة”، “لكن هذا الشعور موجود”.
الحل بالطريقة “الكينزية”
وأشار كبير محللي الاقتصاد في شركة “ايفيست”، الحسن علي بكر، في تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية”، إن مشكلة مجموعة إيفرغراند، تتمثل في أزمة بالسيولة وعدم مقدرتها على الوفاء بالتزاماتها وسداد الديون على المدى القصير، وهذا تسبب في قلة على الطلب المنتجات وعدم القدرة على تصريف بعض الأصول القائمة لديها بشكل سريع.
ويعتقد “بكر” أنه يمكن حل هذه المشكلة بالطريقة “الكينزية” التي تعتمد على ضخ السيولة في الشركة بشكل من الأشكال، من ضمن عدة سيناريوهات.
وقال: “أزمة إيفرغراند، لها خصوصية تختلف عن الأزمات السابقة، والبعض حاول تشبيه الأزمة الحالة بأزمة “ليمان براذرز”، ولكن لو نظرنا بشكل أدق فالأزمة الحالية تختلف اختلافا جوهريا عن أزمة عام 2008 من هيكل وحجم تأثيرها على القطاعات المختلفة سواء القطاعات العقارية عالمياً أو القطاع المصرفي”.
وفي السياق، قالت مجموعة إيفرغراند إنها تدرس بيع نصيبها في شركات تابعة مدرجة تعمل في مجال السيارات الكهربائية والخدمات العقارية، من بين أصول أخرى، وتحاول أن تجذب إليها مستثمرين جدد.
كما طرحت الشركة خصماً كبيراً على أسعار أصولها العقارية، إذ يستطيع المستثمرون شراء وحدات سكنية بخصم يبلغ 28% من أسعارها الأساسية، بدلا من الحصول على مستحقاتهم نقدا.
أثر نفسي
وبشأن تأثيرها مستقبلًا، أوضح كبير محللي الاقتصاد أن الأثر على المدى القصير هو أثر نفسي بسبب الذعر والمخاوف في الأسواق فقط أكثر منه أثر فعلي لأن الضرر الفعلي لم يقع حتى اللحظة من إيفرغراند، ولا يزال أمامنا أشهر قبل أن تكون المجموعة في عداد المفلسين رسمياً.
ولفت إلى أن هناك توقع بأن يكون للحكومة الصينية تدخلات بشكل مباشر لحل الأزمة، عبر إعادة هيكلة لمديونية المجموعة من خلال مجموعة من الأدوات التي تم تجربتها سابقا على أن نتجه لإعادة هيكلة المدفوعات.
وأوضح “بكر” أنه التأثير على المدى القصير سيكون مفاجئًا كما لاحظنا يوم الاثنين، لكن الأسواق سرعان ما ستعود لإعادة تقييم الحالة والنظر إلى الأزمة على أنها قضية مخاطر غير منتظمة تمس المجموعة بذاتها، وليست مخاطر منتظمة تمس الأسواق بشكل كامل.
وأضاف أن هذا الأمر يحتاج إلى نحو أسبوعين ثم يتلاشى تلك الآثار السلبية، وسرعان ما تعود الأسواق للتعامل مع الأساسيات بعيدًا عن هذه الأزمة.
وأدت المخاوف من انهيار إيفرغراند وإلحاق الضرر بالاقتصاد الصيني الأوسع إلى انخفاض مؤشر هانغ سينغ، في هونغ كونغ بنسبة 3.3% مع هبوط أسهم العقارات.
كما انخفض مؤشر S&P 500 خلال الجلسة في أميركا، بنسبة 2% على الأقل وخسر مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 800 نقطة.
وفي أوروبا، تراجع مؤشر داكس الألماني بأكثر من 2%.
“زوبعة في فنجان”
وتوقع الحسن علي بكر، أن تكون أزمة إيفرغراند بمثابة “زوبعة في فنجان”، وسرعان ما تنتهي، لأنه بالنظر إلى الحيثيات الفعلية سنجد أنها تختلف في هيكلها وشكلها عن الأزمات المالية الأخرى، وبالتالي فمؤشرات تطورها إلى أزمة مالية عالمية ضعيفة بقدر ما هي أزمة شركة معثرة خلال الفترة الحالية