استضاف مقعد السلطان قايتباي بالقاهرة التاريخية، أمس السبت، أجواء احتفالية لإحياء يوم إفريقيا وذلك تحت عنوان:”على ضفاف وادي النيل: يوم مصري سوداني في مقعد السلطان قايتباي”.
ومقعد السلطان الأشرف قايتباي، هو أثر مملوكي تم بنائه في القرن الخامس عشر ضمن الضاحية الملكية التي بناها السلطان الأشرف قايتباي في صحراء المماليك، ويتم استخدامه حالياً كمركز وقاعات للثقافة والفنون.
ونظمت الفعاليات والأنشطة بالتعاون بين مؤسسة سلطان ومؤسسة المحروسة للتنمية المشاركة.
وتضمنت الأنشطة بازارا ثقافيا عُرض من خلاله منتجات متنوعة تعبر عن الثقافتين، وكذلك مجموعة لوحات فنية رائعة من أعمال فنانين مصريين وسودانيين، وكان الختام مع حفل غنائي يحتوى على أكثر من فرقة غنائية مصرية وسودانية.
وعّبر هاني إبراهيم، رئيس مؤسسة المحروسة للتنمية المشاركة وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان،في حديث للشروق، عن سعادته بتنظيم تلك الفعالية التي تعزز من مكافحة خطاب الكراهية الذي يكون ناتجا عن الاختلاف في الدين أو العرق أو اللغة، وتأتي الجالية السودانية التي تعيش بمصر وتحاول الاندماج به من ضمن المجموعات التي نستهدفها.
وتابع إبراهيم، أن فكرة تنظيم فعالية جاءت في سياق ضم أكثر من بعد للتبادل الفكري الثقافي؛ فتم بالتعاون مع مؤسسة مقعد السلطان قايتباي دعوة مجموعة من الفنانين السودانيين لعرض لوحاتهم، لجانب أصحاب الحرف اليدوية والتراثية من مصر والسوادن ، فضلا عن الحفل الموسيقي ما عكس بالفعل حالة الاندماج والتلاحم بين الثقافين.
وأشار إبراهيم إلى أن حضور أصحاب الجنسيات الأجنبية منح الفعالية طابعا مميزا بأن جعل القاهرة التاريخية محتضنة لجميع الثقافات المختلفة في تعايش وتكامل.
وقالت مؤسسة مقعد السلطان قايتباي، إن الهدف من وراء الاحتفالية هو استمتاع بالتكامل والحوار بين هذين البلدين اللذين يتمتعان بتاريخ طويل من التبادل الثقافي المتجذّر، مما يعطي نبذة عن كيف يمكن للثقافة والفنون والترات أن يقدمون أدوارًا مسؤولة تجاه رسائل الحب والسلام والوئام.
– أماكن عتيقة
ومن بين الفعاليات، أُقيم معرض لوحات “أماكن عتيقة” للفنان خالد عبد الرحمن، والذي من خلال حبه واحترامه للأماكن التي تشهد على التاريخ، يبحث الفنان السوداني عن طريقة لتوسيع حدود تصوره من خلال تتبع الروابط بين آثار الماضي والحياة المعاصرة. ولهذا اختار عبد الرحمن المباني التراثية القديمة لتكون الموضوع الرئيسي لرسوماته ولوحاته المختلفة، لينقل للمشاهدين فكرته عن الارتباط بين الأزمنة والحيوات المختلفة.
خالد عبد الرحمن هو فنان علم نفسه بنفسه، ولد عام 1978 في الخرطوم، السودان، حيث أمضى كل حياته.
في أبريل 2023، بعد اندلاع الحرب في السودان، قرر خالد الانتقال إلى القاهرة، حتى يتمكن من مواصلة مسيرته المهنية.
يستخدم خالد الوسائط التقليدية للرسم والتلوين للتعبير عن أفكاره الفنية، ويستكشف في المقام الأول علاقته بالمساحات التي يعيش فيها: المناظر الطبيعية والمساحات الحضرية والتفاصيل المعمارية. بالإضافة إلى العديد من المعارض الفردية بين السودان ومصر وكينيا والولايات المتحدة، شارك عبد الرحمن في معارض جماعية في الخرطوم وكمبالا والقاهرة ونيروبي وكيب تاون وغيرها من المدن.
وعن “كرافتاستك” قاعة العرض؛ فهي مساحة للفنون والحرف وهو مبنى تراثي يقع في محيط مجموعة السلطان قايتباي الرائعة. وهو يجمع بين مساحتين مرتبطين سويًا ببراعة: مبنى صغير من القرن التاسع عشر وغرفة تم فيها اكتشاف محراب صلاة مملوكي. بعد عمليات الترميم وإعادة التصميم التي تمت من قبل مكتب آركينوس للعمارة، أصبح التصميم الداخلي فسيح وجذاب ومُلهم بعيدًا كل البعد عن شكل نفس المبنى من وقت ليس ببعيد.
– الحب والسلام
كما نظم للفنان السوداني محمد العتيبي معرضه الأخير تحت عنوان “الحرب والسلام” نسبة إلى تحفة ليو تولستوي الشهيرة، تكريمًا للجهد الهائل الذي تبذله الغالبية العظمى من الناس الذين يريدون بناء حياة في حب وسلام.
وقال عتيبي إن ما يجري في السودان الحبيب وبعض دول العالم لهو شيء كريه وقبيح، ونحاول نحن من خلال الفن والفن التشكيلي تحديداً ان نخلق عالما مثاليا يعيش فيه الناس في سلام ووئام. هل يمكننا عبر تصور هذا العالم من خلال الفن الفن التشكيلي أن يساعدنا هذا في توجيه أذهان الناس نحو بناء عالم أفضل على أرض الواقع؟
محمد العتيبي هو أحد أهم الأسماء المعروفة والمؤثرة في الفن التشكيلي السوداني، ويحظى بتواجد دولي كبير. وله مسيرة طويلة في الحفاظ على المفردات البصرية المتجذرة في التاريخ العربي والإفريقي والبيئة المحيطة بهما الطبيعية منها والمصنوعة. تمكن العتيبي بعد سنوات من البحث واستكشاف الذاكرة البصرية للناس، من خلق لغته البصرية الخاصة.
ولد العتيبي في مدينة الدويم بالسودان عام 1948. تخرج في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بالخرطوم، وعمل في مجالات التعليم والصحافة والإعلان في سلطنة عمان. أدار بين عامي 1990 و1997 معرض العتيبي بأم درمان، وعمل أستاذاً مشاركاً بجامعة السودان من 1998 إلى 1999. وقدم أعماله في العديد من المعارض الفردية والجماعية.
– أنغام الجنوب على المسرح
وكانت المحطة الأخيرة من الاحتفالية بتجمع الزوار في مسرح مقعد السلطان قايتباي لحضور حفل للمطربة السودانية هبة الجزولي، والتي قدمت بالتعاون مع موسيقيين مصريين وسودانيين موسيقى مثلت مزيجًا بين الثقافاتين.