• بدون ضخ مبلغ كاف لزيادة الاحتياطيات بالبنك المركزى سيتآكل الجنيه السودانى
• الحديث عن بيع المواد الإغاثية فى الأسواق «إشاعات».. ولدينا مشكلة فى توزيع الغذاء بسبب الحرب
أكد وزير المالية السودانى، الدكتور جبريل إبراهيم أن ما لم يحدث ضخ لمبلغ كاف لزيادة الاحتياطيات فى البنك المركزى السودانى فإن الجنيه سيتآكل.
وأضاف إبراهيم فى حوار لـ«أخبار مصر» أن السودان لا يعانى من شح للمواد فى الغذائية، ولكنه يواجه مشكلة فى التوزيع والقدرة على وصول الغذاء لكل مواطن فى موقعه بسبب الحرب الدائرة فى البلاد.
وأوضح أن الدولة السودانية تعمل على حصر خسائر الحرب من أجل وضع خطة قومية لإعادة الإعمار، التى قدر أنها سوف تتكلف مئات المليارات، بالنظر إلى الدمار الكبير الذى لحق بالمؤسسات والمرافق العامة، معربا عن تطلع بلاده إلى مشاركة مصر فى مشاريع إعادة الإعمار خاصة بمجالات البنية التحتية.
وإلى نص الحوار:
< ما هى جهود الدولة للحد من آثار التضخم؟ وكذلك إنقاذ الجنية السودانى من الانهيار؟
ـ
ـــ عادة فى أوقات الحروب، لاسيما فى الدول النامية تكون العملة الوطنية محكوما عليها بالتآكل، فمعظم مدخلات الحرب تكون بالعملة الأجنبية، هذا بجانب توقف الإنتاج فى أجزاء كبيرة من الدولة، ومن ثم نلجأ إلى الاستيراد من الخارج، فضلاً عن حرص رجال الأعمال على أموالهم فيجتهدون فى إخراجها من البلاد لبدء أنشطة جديدة فى الخارج، وكل ذلك يتطلب وجود عملة أجنبية، مما يزيد الطلب عليها مقابل تناقص إيرادات الدولة من العملات الأجنبية، وبهذا كان من المتوقع أن ينهار الجنيه السودانى تماما وأن يكون هناك وضع مختلف عن الوضع الراهن، ورغم ضيق المواطنين من تآكل العملة الوطنية لكن بالمعطيات السابقة فهذا وضع أقرب للطبيعى.
ومن ثم هذا الوضع لا ينقذه إلا المزيد من الإنتاج والصادرات، كما نحاول فى الفترة الراهنة التحكم فى الواردات للسودان، بقليل استيراد السلع غير الضروية، وترشيد استخدام الموارد النقدية الأجنبية، ولكن فى نهاية الأمر ما لم يحدث ضخ لمبلغ كاف لزيادة الاحتياطات فى البنك المركزى فمن الطبيعى أن يتآكل الجنيه.
< ما هو حجم الخسائر للبنية التحتية جراء الحرب؟
ـ
ــ لا أحد يستطيع أن يذكر رقما دقيقا لحجم خسائر البنية التحتية جراء الحرب، لاسيما أن حجم الدمار كبير، فهناك عشرات الآلاف من المدارس والجامعات والبنية التحتية والمرافق العامة التى تم تدميرها، ومن ثم إذا ذكرت رقما محددا الآن سيكون غدا غير دقيق. وأيضا لا أحد يستطيع الوصول إلى كل هذه المواقع لعمل تقييم وحصر حقيقى لحجم الخسائر بصورة دقيقة، لاسيما أن ذلك الحصر يحتاج إلى لجان متخصصة تعمل على تقييم الضرر الذى لحق بالبلاد جراء الحرب بشكل كامل وتقديم أرقام حقيقية لتحديد قيمة التعويضات وإعادة الإعمار.
وقد شكل مجلس السيادة الانتقالى السودانى منذ أربعة أشهر لجنة عليا لحصر الأضرار ووضع خطة لإعادة الإعمار لما بعد الحرب برئاستى، وتم تكليف جميع الوزارات والجهات الحكومية لتقديم خططها لإعادة الإعمار وتقييم الأضرار التى لحقت بالمؤسسات، وقدمت بعض الأرقام ولكنها غير واقعية لأنهم لا يستطيعون الوصول لكل مواقع النزاع، حتى يستطيعون معرفة حقيقة الأمر.
ونحن نعمل على حصر الخسائر والأضرار من جهة، ومن جهة أخرى، نعمل على وضع خطة قومية لإعادة الإعمار، ثم بعد ذلك سيتم تكليف جهة فنية وتنفيذية لهذه الخطة.
< ما هى أبرز ملامح إعادة الإعمار؟
ـ
ــ الدولة تضررت بصورة كبيرة من تمركز مناطق الخدمات والصناعة والتجارة والشركات الكبرى فى العاصمة، لذا فإن إعادة الإعمار تضمن إعادة توطين تلك التمركزات خارج نطاق العاصمة، حتى نستطيع تحقيق تنمية متوازنة من جهة، ونتجنب الوقوع فى نفس الخطأ من جهة أخرى، فضلاً عن التركيز على البنية التحتية لاسيما أنها من معالم النهضة الشاملة، فالدولة تحتاج إلى «طرق، كبارى، سكك حديدية، كهرباء، موانئ، ومطارات» حتى تحدث انطلاقة حقيقية، ومن ثم نركز على ملف بناء الإنسان نفسه، وكذلك الاهتمام بالبحث العلمى والأكاديمى لاسيما أن هناك بحوثا كثيرة تحتاج إلى تنفيذ، وبذلك نكون أعددنا الدولة لانطلاقة كبرى.
< كم تكلفة إعادة الإعمار؟
ـ
ــ فى حال أننا لم نعرف حجم الدمار لن نستطيع معرفة تكلفة إعادة الإعمار، ولكنها سوف تتكلف مئات المليارات.
< كم تكبدت خزينة الدولة السودانية جراء الحرب؟
ـ
ـــ دمار التصنيع الحربى كلف الدولة تكلفة عالية للغاية، حيث كان لدينا مخزون كبير من المنتجات الحربية وجزء كبير منه تم نهبه، وجزء لم نستطيع الوصول إليه، فضلاً عن الدمار الذى حدث بالآليات الحربية، وهذا تكلفته كبيرة جدا، خاصة دمار الذخائر والطائرات والدبابات.
< ما هى أوجه التعاون بين مصر والسودان فى المجال المالى والاقتصادى؟
ـ
ـــ التجربة المصرية فى تطوير البنية التحتية وإقامة المشروعات الكبرى فى وقت وجيز مثار إعجابنا للغاية، ونستطيع أن نستفيد من هذه الخبرات ونرغب بأن تكون مصر شريكة فى مشاريع إعادة الإعمار خاصة فى مجالات البنية التحتية، كما أن السودان يتمتع بأراض خصبة وبكر ونستطيع أن ننتج غذاء لنا ولمصر بـ «أرض سودانية وخبرة وتقنية مصرية» لاسيما أن المياه متوفرة لدينا.
هذا بالإضافة إلى أن مصر بإمكانها دعم السودان فى حصاد مياه الأمطار والمياه الجوفية، خاصة أن لدينا مخزونا هائلا من المياه ولكن لا يتم حصادها بطريقة صحيحة، وإذا بدأنا مجهودات مشتركة فى ذلك سنحقق مكاسب حقيقية.
< ترددت أنباء على مواقع التواصل الاجتماعى بأن هناك مقترحا بتغيير العملة السودانية فى السوق المحلية لتجفيف منابع تمويل الدعم السريع.. فهل ذلك صحيح؟
ــــ عادة الدولة لو أرادت تغيير العملة لا تتحدث عن ذلك إلا بعد اتخاذ القرار.
< ما هى خطة الدولة السودانية لمواجهة المناطق المتضررة التى تعانى أوضاعا إنسانية صعبة؟
ـ
ـــ وزارة المالية قامت بشراء كمية كبيرة من الذرة «ملايين الجوالات» لضمان توفير الطعام للمواطنين، وليس لدينا مشكلة شح للمواد الغذائية، ولكن لدينا مشكلة فى التوزيع والقدرة على وصول الغذاء لكل مواطن فى موقعه بسبب الحرب.
< ولكن هناك أنباء تم تداولها عن بيع المواد الإغاثية فى الأسواق؟
ـ
ـــ هذه إشاعات، فليس هناك بيع للمساعدات فى الأسواق، والمساعدات منها ما وصل بالفعل إلى المواطن، ومنها ما زال فى المخازن بسبب صعوبة الوصول لمواقع المواطنين.
< ماذا عن الدور المصرى فى دعم القضية الإنسانية بالسودان؟
ـ
ــــ مصر قدمت مساعدات إنسانية كبيرة للسودان وفتحت حدودها للآخرين لتوصيل المواد الإغاثية، ونحن نطمح فى المزيد لاسيما فى المواد الطبية والأدوية المنقذة للحياة والمستهكلات الطبية، حيث أن مصر متقدمة فى هذا المجال، وسوف تدعم السودان دعما كبيرا، وهذا جانب مهم من جوانب الإغاثة.