(كتبت منة الهلالي)
(القرية المغمورة بالآثار
تتزين محافظة الشرقية بالعديد من الآثار القديمة لعدة عصور، فانتشر بين أحضان أراضيها مائة وعشرون موقعًا أثريًا، لتزهو وتمتاز بهم دون غيرها من محافظات الوجه البحري.
وتعد قرية “صان الحجر” التابعة لمركز “الحسينية” أشهر تلك المناطق الأثرية، والتي كانت تسمى باسم “تانيس” وهو الاسم اليوناني، وأيضًا “جعنت” وهو الاسم الفرعوني، كما أنها كانت عاصمة شمال مصر خلال حكم الأسرتين الحادية والعشرون، والثالثة والعشرون.
كانت هذه القرية من المدن الكبرى سلفًا على مر التاريخ حتى نهاية العصر “الروماني”، وتقدم لنا ملحمة الدلتا التاريخية بصفة عامة.
فهي تحتوي على العديد من الآثار الفرعونية، واليونانية، والرومانية، حيث كانت هذه المنطقة الطريق الرئيسي لغزو بلاد “الحيثيين” في آسيا الصغرى، وهي طريق الدفاع والحماية لمصر في حالة الغزو الخارجي.
أُعتبرت مدينة تانيس أو صان الحجر حالياً “أُقصُر” الوجه البحري بما تحتوي عليه من معابد ملكية ومسلات وآبار وقصور، فتضم مدينة تانيس معبد إلٰه الفراعنة “آمون” بتماثيله ومسلاته وآباره والذي يعد من أهم المعابد الحجرية الضخمة بها، ويضم ذلك المعبد عدة تماثيل ضخمة للملك “رمسيس الثاني” برفقة زوجته “مرين آمون” وزوجته الحيثية، ومقابر الملوك الفراعنة “بسوسنس الأول” و”أمينيموبي” و”شوشنق الثاني”، التي كانت تحتوي على مجوهراتهم وأحجارهم الكريمة النادرة وأقنعتهم الجنائزية، والذي اكتشف هذ ه المقابر العالم الفرنسي “بيير مونتيه” في عامي 1939 و 1940.
ويوجد بصان الحجر في معبد البحيرة المقدسة تمثال على شكل “أبو الهول”، لتلي هذه البحيرة المقدسة بحيرة “الكرنك” بالأقصر من حيث الأهمية، حيث أنها تضم العديد من البنيان الضخمة التي يرجع تاريخها إلى 1070ق.م تقريباً.
ونظرًا لاحتواء صان الحجر على ما يقرب من عشرين مسلة ضخمة نُقش عليها جميعها اسم رمسيس الثاني وألقابه مع تدوين انتصاراته وامجاده منذ بداية حكمه إلى نهايته؛ وضعت هذه المدينة في قائمة أغنى المناطق في مصر في عدد المسلات الضخمة.
ومن الآبار فيوجد في المنطقة أربعة آبار جيرية، ثلاثة على شكل دائري، والأخرى تتخذ الشكل المربع، وجميعهم يستعملون في استخراج المياه إلى داخل معبد “آمون”، لتنفرد هذه القرية بهذا العدد من الآبار دون المناطق الأخرى في مصر.
كما أنها كانت مهد نبي الله “موسى” عليه السلام حيث ولد فيها وتربى بقصر “فرعون”، فذُكرت في كتاب التوراة باسم “صوعن”.
لذا نجد هذه القصور وبعض المعالم الأثرية المشيدة بها مهدمة بعدما استجاب الله لدعاء سيدنا “موسى” وهدم عرش فرعون وهلك هو ومن معه في اليم.
ولكن للعجيب أن المجلس الأعلى للآثار المصرية لم يعير تلك المدينة أي اهتمام، حتى أنها لم تدرج في أي شركة سياحية في مصر!
رغم ما سمعناه بأن تلك المدينة تضم ثلث الآثار المصرية، إلا أنها تُركت هكذا في العراء دون أي حماية لها من نهب اللصوص الذين يسلبون آثار حضارة أسلافنا من أجل بيعها بمبالغ طائلة تنتشلهم من الفقر حتى وإن كان بطرق غير شرعية، فتُهرب هذه الآثار إلى خارج الدولة وتوضع في أكبر المتاحف ليتباهى ويفتخر بها الغرب على أنها إحدى إنجازات حضارة أسلافهم.
#منة_الهلالي