(الكعبة وبيوت الآلهة)
تعددت الجماعات البشرية؛ وكونت القبائل ذات الأعراف القبلية المتعددة على حسب تعددهم، وحسب الشيخ الذي يرأس القبيلة ويضع لها تقاليدها وعاداتها وأعرافها.
وكما الحال الآن تتنافس الدول وتتحارب وتتصارع من أجل السلطة؛ هكذا كان الحال عند هذه القبائل أيضًا، فهناك العديد من الشيوخ الذين قتلوا في العديد من الحروب والغزوات لأجل السلطة وفرض السيطرة والأحكام.
فكان من يموت من هؤلاء يتخذه من يأتي بعده كقدوة له، فبتعدد موت هؤلاء الأسلاف؛ تعددت الكعبات أو بيت آلهتهم أو أربابهم كما كانوا يعتقدونها.
نعم فغير الكعبة المشرفة وقبل بنائها، هناك من قاموا ببناء العديد من الكعبات والبالغ عددهم أربعة وعشرون كعبة، ولكن بيت الله الحرام الوحيد ومركز الكرة الأرضية؛ هي الكعبة المشرفة.
حيث كان هؤلاء الأسلاف يتخذون من بيوتهم كعبة لمن يأتون من بعدهم، وفي بعض الأحيان كانت تقدم هذه الكعبات تقديسًا للأحجار الغريبة والنادرة؛ مثل الأحجار البركانية أو النيزكية، وكلاهما يغلب عليه اللون الأسود نتيجة لعوامل الاحتراق، والذي كان يظنه الناس حينها بأن ذلك الحجر يأتي حاملًا أرواح السالفين من السماء.
ومع كثرة هذه الأحجار، كثرت الكعبات أيضًا؛ حيث يقول الشاعر الفلسطيني (محمود سليم الحوت): “يجب ألا يخطر على بال أحد أن مكة وإن ارتفعت مكانتها عن سواها من أماكن العبادة؛ هي القبلة الوحيدة في الجزيرة؛ فقد كان للعرب كعبات عديدة أخرى تحج إليها في مواسم معينة وغير معينة، تعتر ( تذبح ) عندها، وتقدم لها النذور والهدايا، وتطوف بها، ثم ترحل عنها بعد أن تكون قد قمت بجميع المناسك الدينية المطلوبة.”
وكما ذكر العالم اليمني الهمداني؛ أن من أشهر الكعبات أو بيوت الآلهة حينها (بيت اللات، وكعبة نجران، وكعبة شداد الأيادي، وكعبة غطفان.)
وما ذكره الزبيدي (بيت ذي الخلصة المعروف بالكعبة اليمنية.)
وعند ابن الكلبي (بيت ثقيف.)
إضافة لما ذكره جواد علي (كعبة ذي الشري، و كعبة ذي غابة الملقب بالقدس.)
وما ذكره العقاد؛ عن محجات أو كعبات أخرى لبيوت الآلهة مثل: ( اللات، وديان، وصالح، ورضا، ورحيم، وكعبة مكة، وبيت العزي قرب عرفات، وبيت مناة.)
وذكر أيضًا في كتاب بن هاشم فيما قال بن إسحاق “وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يُقال له رئام، كانوا يعظمونه ويتقربون لله عنده بالذبائح، وكان يُطاف به كذلك.”
وكعبة بيشة التي أسستها قبائل “جثعم ودوس وبجيلة”، وتقع بين مكة واليمن.
وكعبة البترا، وكعبة وادي القرى، وكعبة سبأ، وكعبة زرادشت، وكعبت أبرهة.
ولكن كعبة مكة التي كان يأتي إليها الجميع دون غيرها؛ لأن مكة ملتقى القوافل بين الجنوب والشمال، وبين الشرق والغرب.
وكما ذكر العقاد أن هذه الكعبات كانت محرمة ولها أيام حرام، ولكن كعبة مكة هي من تميزت عنهم جميعًا؛ حيث أن مكة أصبحت ملتقى تجار العالم أجمع، وأصبح أهلها أهم تجار العالم.
ومن هنا نعلم أن هناك فرق بين الإلوهية والربوبية؛ حيث أن الإلوهية هي الإيمان بشئ ليس له وجود، والربوبية هي تقديس الأسلاف وتعظيمهم.
وبسبب تعدد الإلوهية والربوبية قد خلق الكثير من الخلافات والنزاعات على المعتقدات الدينية والسياسية، التي تسببت في العديد من الحروب والصراعات التي ضاع في سبيلها العديد من الأشخاص.
ولكن بعد أن جاء الإسلام وانتشر في بقاع الأرض، وتم إتخاذ الكعبة الشريفة كقبلة رسمية للمسلمين، والركن الخامس من أركان الإسلام؛ أصبح الناس يذهبون إليها ويحجون بها هي دون غيرها.
حيث قال الله تعالى في كتابه الشريف:- (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ)
والمقصود هنا أن الكعبة المشرفة هي البيت الوحيد الذي أمر الله ببنائه، على عكس غير الكعبات التي بنيت بإرادة البشر.
حيث أن هناك من يشككون في الإسلام بقولهم الذي ينافي الآية؛ بوجود كعبات أخرى من قبلها.
#منة_الهلالي
#الكعبة_وبيوت_الآلهة