“بقلم استاذ السبد الببلى
العبقري خالد صالح.”
ولد خالد صالح في العشرين من يناير عام 1964م في أبو النمرس بمحافظة الجيزة في أسرة متوسطة الحال، ونشأ يتيمًا بعد أن توفت والدته، وهو في سن صغير جدًا، وسرعان ما لحق بها والده؛ كي يتولى تربيته أخوه الأكبر منه.
التحق بكلية الحقوق التي بدأ مشوار عشقه للمسرح من خلال عروض فريق المسرح بها ليتخرج منها عام 1978م.
لم تكن حياة خالد صالح العملية مثالية ومستقرة بالشكل الكافي؛ فحبه الشديد للفن كان حجر عثرة أمام شغفه تجاه أي عمل آخر؛ فعمل كسائق تاكسي أثناء دراسته، ثم بعد التخرج عمل بالمحاماه لفترة غير طويلة، ثم عمل مع أخيه في مصنع للحلويات الشرقية الذي كان أخيه مالكًا له. إلا أن طبيعة خالد كفنان حر يكره القيود والإلتزام بالمواعيد الرسمية والإستيقاظ مبكرًا، جعلت أخيه يستغني عن عمله في المصنع، ثم سافر إلى الخليج للبحث عن عمل؛ لكنها كانت تجربة لا تختلف كثيرًا عن أخواتها من تجارب خالد صالح في الحياة العملية؛ كأنها إشارة له من الله عز وجل أنه لا يصلح أن يكون شئََ غير فنان مبدع.
وبعد عودته من الخليج عمل كومبارس من خلال مسرح المعهد العالي للفنون المسرحية، فكان يقوم بدور شخص يمر في خلفية المسرح أثناء حديث الأبطال، ثم عمل بمسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية كمساعد مخرج لفترة.
بدأ خالد صالح يمضي في خطواته تجاه الإحترا في عام 1996م بمشاركته في فيلم (جمال عبد الناصر) ثم مسلسل (أم كلثوم) عام 1999م، ثم قام بالأداء الصوتي للنسخة المدبلجة من فيلم (نيمو) الحاصل على جائزة الأوسكار كأفضل فيلم صورة متحركه عام 2003م.
مع العلم أنه أخذ قرار بالتفرغ التام لمهنة التمثيل عام 2000م، وهو في عمر السادس والثلاثين من عمره، ولكن لم تتأخر شهرته كثيرًا؛ لأنه برع في آداء الأدوار المعقدة وأدوار الشر.
وحصل خالد صالح طوال مسيرته على عدة جوائز مثل:-
(جائزة أفضل ممثل دور ثاني عن فيلم “تيتو” من المهرجان القومي في دورته الحاديه عشر عام 2005م)
(جائرة أفضل ممثل لعام 2005 عن دوره في فيلم ملاكي إسكندرية للمخرجة “ساندرا نشأت”)
(جائزة التمثيل من مهرجان الأفلام، جائزة الإبداع الذهبية، وشهادة تقدير لأحسن تمثيل من مهرجان الإعلام العربي عن دوره في مسلسل “تاجر السعادة” وأهدي الجائزة لزوجته هالة عام 2009 م)
فكان خالد صالح موضع إهتمام للنقاد؛ بسبب موهبته المميزة، وأشاد به عدد كبير منهم؛ حيث اعتبره البعض إمتداد لجيل العمالقة، مثل:- “زكي رستم، ومحمود المليجي، وغيرهم.”
وكان ذلك يرجع لقدرته الهائلة على التشخيص التي كان يصل في بعض الأوقات إلى الإندماج الكامل مع روح الشخصية.
ومن المعروف أيضًا عن خالد صالح؛ أنه كان من المهتمين بالأعمال الخيرية؛ حيث كان حريصًا على زيارة الجمعيات الخيرية ومراكز ذوى الإحتياجات الخاصة. فكان يرى أن الإهتمام بالأعمال الخيرية؛ واجب حتمي على كل إنسان مقتدر.
كانت حياة الفنان الراحل الشخصية تقليدية جدًا؛ فكان متزوجًا زوجة واحدة، ولديه ولد وبنت، وهما:- الفنان “أحمد خالد صالح” و”علياء خالد صالح”
خالد صالح كان يتسم بالذكاء، والحب الشديد للفن والدبلوماسية التي اكتسبها من عمله كتاجر أو مسوق قبل عمله بالفن، ومن دراسته للقانون حيث قال في إحدى لقاءاته “دراستي للقانون علمتني المرونة اللى قد تكون نافذة تجاه الدبلوماسية”
من أهم أعماله في السينما:- ( تيتو، ملاكي إسكندرية، كف القمر، هي فوضى)
وفي التلفزيون:- (بعد الفراق، الريان، تاجر السعادة، سلطان الغرام)
وفي الإذاعة:- (فيلم عربي، أهلًا يا بشوات، مش ألف ليلة وليلة، أحمد رامي)
وفي المسرح:- (الغفير، فلسطين، الميلاد)
ثم تنتهي الرحلة سريعًا؛ ليرحل عن عالمنا هذا العبقري في فجر الخميس الخامس والعشرين من سبتمبر لعام 2014 عن عمر يناهز 50 عام؛ إثر إجراء عملية جراحية في القلب، وشيع جثمانه فجر الجمعة من مسجد عمرو ابن العاص.
ليكتب آخر سطر في كتاب اسمه “العبقري خالد صالح” ونفقد موهبة من أعظم المواهب في تاريخ الفن المصري.بقلم استاذ السيد البيلى